اشتم أحد المزارعين الأمريكيين رائحة دخان قوية ، ففتح القناة الخاص بالأخبار المحلية بالراديو . عرف أن النيران قد اشتعلت على بعد أميال قليلة من مسكنة . اشتعلت في حقول القمح الشاسعة ، وذلك قبل تمام نضجه بحوالي أسبوعين .
إنه يعلم متى اشتعلت النيران في مثل هذا الوقت يصعب السيطرة عليها ، فتحرق عشرات الأميال المربعه من زراعة القمح .
عرف المزارع أيضاً أن الرياح تتجه بالنيران نحو حقله ، فبدأ يفكر هكذا : ماذا أفعل لا بد أن النيران تلحق بحقلي وتحطم منزلي وحظيرة الحيوانات وأفقد كل شيء !
بدا يحرق أجزاء من حقله بطريقة هادئة حتى لا يصير بيتة وحظيرة حيواناته محاطة بحقول القمح شبه الجافة . استطاع أن يحرق كل حقله تماماً دون أن يصاب بيته ..... فأطمأن أن النيران لا تنسحب إلى بيته ... حقاً قد أحرق بيديه محصولة ، لكنة أفتدى بيته وحيواناته وطيوره .
إذ أطمأن على بيته بدأ يسير بجوار حقله المحترق وهو منكسر القلب ، لأنه فقد محاصيله بيده.
رأي دجاجة شبة محترقة ، وقد بسطت جناحيها . تطلع بحزن إليها . فقد طارت بعض اللهب إليها لتحرقها . تسلك الدموع من عينه وهو يرى طيراً قد مات بلا ذنب .
بحركة لا إرادية حرك الدجاجة بقدمه ، فإذا بمجموعة من الكتاكيت الصغيرة تجري ... امسك بها وأحتضنها .
تطلع إلى تلك الدجاجة البطلة الحنونة التي أحاطت بجسمها صغارها وسلمته للموت ، احترقت دون أن تحرك جناحيها أو تهرب ، بل صمدت لتحمي صغارها ، بينما يحزن هو على خسائر مادية !
رفع عينه إلى السماء وهو يقول :
مخلصي الحبيب ... الآن أدركت معنى كلماتك : كم مرة أردت أن أجمع أولادك ، كما تجمع الدجاجة فراخها . أشكرك لأنك وأنت لم تعرف الخطية سلمت جسدك للموت بفرح لتحمل نيران الغضب عن خطاياي . ظنت النيران أنها تقدر أن تحطمك ، لكن في حبك حملتني بموتك المحيي إلى الحياة .