اشغل وقت فراغك بفكر آخر اقوي منه، يحل محله.. لا تنتظر حتى ترهقك الأفكار هكذا، وبعد هذا تحاول أن تقاومها. بل الأفضل- إن استطعت- أنك لا تعطيها مجالاً على الإطلاق للوصول إليك.. وكيف ذلك اشغل فكرك باستمرار بما هو مفيد، حتى إن أراد الشيطان أن يحاربك بالفكر، يجدك مشغولاً وغير متفرغ لأفكاره،فيمضى عنك
ما أصعب الفكر، حينما يأتي إلى الإنسان، فيجد أبوابه مفتوحة، وعقله مستعداً للقبول!! إن جاءك فكر رديء، استبدله بفكر آخر يحل محله. لأن عقلك لا يستطيع أن يفكر في موضوعين في وقت واحد بنفس العمق. لذلك يشترط في الفكر الجديد الذي تريده أن تغطي به فكر المحاربة، أن يكون عميقاً حتى يمكنه طرد الفكر الآخر، كالتفكير في لغز عن مشكلة أو مسألة عقائدية، أو موضوع يهمك، أو تذكر شئ نسيته… الفكر السطحي لا يطرد الأفكار المحاربة لك، إنما تطردها أفكار أخرى يمكنها أن تدخل إلي عمق ذهنك، أو إلي عمق قلبك. كأن تفكر في مشكلة عائلية هامة، أو في سؤال عويص ليس من السهل حله، أو في موضوع محبوب إلي قلبك يسرك الاستمرار فيه… ويمكنك أن تطرد الفكر بالقراءة كطريقة أخرى للإحلال.: على أن تكون أيضاً قراءة عميقة يمكنها أن تشغل الذهن، لأن القراءة السطحية تعطى مجالاً للسرحان، فيسرح الفكر في نفس الوقت فيما يحاربه. لذلك قد يحارب إنسان بفكر شهوة، فلا تصلح له قراءة روحية عادية، بقدر ما تصلح له قراءة عن حل مشكلات في الكتاب المقدس، أو في الخلافات العقائدية والرد عليها، أو قراءة في موضوع جديد لم يسبق له معرفته، أو في موضوع علمي يحتاج إلي تركيز. وقد ينطرد الفكر بالصلوات والميطانيات: إذ يستحي الإنسان من التفكير الخاطئ في وقت مخاطبته لله، كما أنه يأخذ معونة من الصلاة، علي شرط أن تكون الصلاة بحرارة ومقاومة للسرحان. والصلاة المصحوبة بالمطانيات تكون أقوى… وقد يمكن طرد الفكر، بالانشغال في عمل يدوي. لأن هذا العمل يشغل الفكر أيضاً فيلهيه عن محاربته، بقدر ما يكون عملاً يحتاج إلي انتباه وتركيز. العمل أيضاً يشغل الإنسان، ويريحه من حرب الأفكار، بعكس الفراغ الذي يعطى مجالاً لحرب الفكر، لذلك قال الأباء إن الذي يعمل يحاربه شيطان واحد، أما الذي لا يعمل تحاربه عدة شياطين. لاحظ أن الله أعطي أبانا أدم عملاً يعمله وهو في الجنة، مع أنه لم يكن محتاجاً للعمل من أجل رزقه. فإن لم ينطرد الفكر بكل هذا، فالأصلح أن يخرج الإنسان من وحدته ليتكلم مع شخص آخر. لأنه من الصعب عليه أن يتكلم في موضوع معين، وهو يفكر في نفس الوقت في موضوع آخر. بل إن أي نوع من التسلية، سواء كان فردياً أو مشتركاً مع آخرين، يساعد على طرد الفكر أيضاً. المهم أنك لا تترك الفكر ينفرد بك، أو تنفرد به: عملية تشتيت الفكر، أو إحلال فكر آخر محله، أو شغل الذهن عنه بعمل، أو تسلية، أو حديث، أو كتابة، أو قراءة، أو صلاة: كل ذلك يضعف الفكر، أو يطرده، أو ينسيك إياه. كذلك يجب عليك أن تعرف سبب الفكر وتتصرف معه: قد يأتيك مثلاُ فكر غضب أو انتقام بسبب موضوع معين يحتاج إلي التصريف داخل قلبك. لأنك طالما تبقي داخلك أسباب الغضب، فلابد أن ترجع عليك الأفكار مهما طردتها. فإن كان الفكر سببه قراءة معينة، أو سماعات من الناس، أو عثرة من الحواس، أو مشكلة تشغلك، حاول أن تتوقي كل هذا، أو تجد له حلاً، وهكذا تمنع سبب الفكر. كذلك إن أتاك فكر كبرياء أو مجد باطل، لسبب معين يدعوك إلي هذا، فعليك أن تحارب هذا الكبرياء داخل قلبك بطريقة روحية. فإن انتصرت عليه، ستفارقك أفكاره.. وهكذا تتبع طريقة التصريف الروحي مع كل خطية تحاربك أفكارها. وفي كل ذلك، تحتاج إلي السرعة، وعدم التساهل مع الفكر: إن طردت الفكر بسرعة، فسيضعف أمامك. أما إن أعطيته فرصة، فسيقوى، وتضعف أنت في مقاومته، إذ قد تنضم إليه أفكار أخرى وتزداد فروعه، كما أنه قد ينتقل من العقل إلي القلب، فيتحول إلي رغبة أو شهوة. واحترس من خداع محبة الاستطلاع: قد يستبقى الإنسان الفكر، بحجة أنه يريد أن يعرف ماذا تكون نهايته، وإلي أي طريق يتجه، بنوع من حب الاستطلاع!! كثير من الأفكار أنت تعرف جيداً نهايتها، وإن لم تعرف، فعلي الأقل تستطيع أن تستنج من طريقة ابتدائها. ثم ما منفعة حب الاستطلاع إن أدي إلي ضياعك! هناك طريقة أخرى، وهي الرد على الفكر. والقديس مار أوغريس وضع طريقة للرد على الفكر بآيات الكتاب. فكل خطية تحارب الإنسان، يضع أمامه آية ترد عليها وتسكنها. وفي التجربة على الجبل رد الرب علي الشيطان بالآيات: ولكن هناك أفكار تحتاج إلي طرد سريع، وليس إلي مناقشة. إذ قد المناقشة مدعاة إلي تثبيت الفكر بالأكثر، وإطالة مدة إقامته، كما قد تتسبب في تشعب الفكر. إن جاءتك الأفكار، يجب أن تصدها بسرعة. لا تتراخ، ولا تتماهل، ولا تنتظر لتري إلي أين يصل بك الفكر، ولا تتفاوض مع الفكر، وتأخذ وتعطى معه. لأنك كلما تستبقي الفكر عندك، كلما يأخذ قوة ويكون له سلطان عليك. أما في بدء مجيئه، فيكون ضعيفاً يسهل عليك طرده. إن طرد الأفكار يحتاج إلي حكمة وإفراز، وإلي معونة. هناك أشخاص خبيرون بالفكر وطريقة مقاتلته، كما قال بولس الرسول "لأننا لا نجهل حيله". والذي ليست له خبرة، عليه أن يسأل مرشداً روحياً. وعلى العموم فإن المعونة الإلهية تأتى بالصلاة والتضرع، تساعد الإنسان علي التخلص من الأفكار. الرب قادر أن يطرد الشيطان وكل أفكاره الردية
ما أصعب الفكر، حينما يأتي إلى الإنسان، فيجد أبوابه مفتوحة، وعقله مستعداً للقبول!! إن جاءك فكر رديء، استبدله بفكر آخر يحل محله. لأن عقلك لا يستطيع أن يفكر في موضوعين في وقت واحد بنفس العمق. لذلك يشترط في الفكر الجديد الذي تريده أن تغطي به فكر المحاربة، أن يكون عميقاً حتى يمكنه طرد الفكر الآخر، كالتفكير في لغز عن مشكلة أو مسألة عقائدية، أو موضوع يهمك، أو تذكر شئ نسيته… الفكر السطحي لا يطرد الأفكار المحاربة لك، إنما تطردها أفكار أخرى يمكنها أن تدخل إلي عمق ذهنك، أو إلي عمق قلبك. كأن تفكر في مشكلة عائلية هامة، أو في سؤال عويص ليس من السهل حله، أو في موضوع محبوب إلي قلبك يسرك الاستمرار فيه… ويمكنك أن تطرد الفكر بالقراءة كطريقة أخرى للإحلال.: على أن تكون أيضاً قراءة عميقة يمكنها أن تشغل الذهن، لأن القراءة السطحية تعطى مجالاً للسرحان، فيسرح الفكر في نفس الوقت فيما يحاربه. لذلك قد يحارب إنسان بفكر شهوة، فلا تصلح له قراءة روحية عادية، بقدر ما تصلح له قراءة عن حل مشكلات في الكتاب المقدس، أو في الخلافات العقائدية والرد عليها، أو قراءة في موضوع جديد لم يسبق له معرفته، أو في موضوع علمي يحتاج إلي تركيز. وقد ينطرد الفكر بالصلوات والميطانيات: إذ يستحي الإنسان من التفكير الخاطئ في وقت مخاطبته لله، كما أنه يأخذ معونة من الصلاة، علي شرط أن تكون الصلاة بحرارة ومقاومة للسرحان. والصلاة المصحوبة بالمطانيات تكون أقوى… وقد يمكن طرد الفكر، بالانشغال في عمل يدوي. لأن هذا العمل يشغل الفكر أيضاً فيلهيه عن محاربته، بقدر ما يكون عملاً يحتاج إلي انتباه وتركيز. العمل أيضاً يشغل الإنسان، ويريحه من حرب الأفكار، بعكس الفراغ الذي يعطى مجالاً لحرب الفكر، لذلك قال الأباء إن الذي يعمل يحاربه شيطان واحد، أما الذي لا يعمل تحاربه عدة شياطين. لاحظ أن الله أعطي أبانا أدم عملاً يعمله وهو في الجنة، مع أنه لم يكن محتاجاً للعمل من أجل رزقه. فإن لم ينطرد الفكر بكل هذا، فالأصلح أن يخرج الإنسان من وحدته ليتكلم مع شخص آخر. لأنه من الصعب عليه أن يتكلم في موضوع معين، وهو يفكر في نفس الوقت في موضوع آخر. بل إن أي نوع من التسلية، سواء كان فردياً أو مشتركاً مع آخرين، يساعد على طرد الفكر أيضاً. المهم أنك لا تترك الفكر ينفرد بك، أو تنفرد به: عملية تشتيت الفكر، أو إحلال فكر آخر محله، أو شغل الذهن عنه بعمل، أو تسلية، أو حديث، أو كتابة، أو قراءة، أو صلاة: كل ذلك يضعف الفكر، أو يطرده، أو ينسيك إياه. كذلك يجب عليك أن تعرف سبب الفكر وتتصرف معه: قد يأتيك مثلاُ فكر غضب أو انتقام بسبب موضوع معين يحتاج إلي التصريف داخل قلبك. لأنك طالما تبقي داخلك أسباب الغضب، فلابد أن ترجع عليك الأفكار مهما طردتها. فإن كان الفكر سببه قراءة معينة، أو سماعات من الناس، أو عثرة من الحواس، أو مشكلة تشغلك، حاول أن تتوقي كل هذا، أو تجد له حلاً، وهكذا تمنع سبب الفكر. كذلك إن أتاك فكر كبرياء أو مجد باطل، لسبب معين يدعوك إلي هذا، فعليك أن تحارب هذا الكبرياء داخل قلبك بطريقة روحية. فإن انتصرت عليه، ستفارقك أفكاره.. وهكذا تتبع طريقة التصريف الروحي مع كل خطية تحاربك أفكارها. وفي كل ذلك، تحتاج إلي السرعة، وعدم التساهل مع الفكر: إن طردت الفكر بسرعة، فسيضعف أمامك. أما إن أعطيته فرصة، فسيقوى، وتضعف أنت في مقاومته، إذ قد تنضم إليه أفكار أخرى وتزداد فروعه، كما أنه قد ينتقل من العقل إلي القلب، فيتحول إلي رغبة أو شهوة. واحترس من خداع محبة الاستطلاع: قد يستبقى الإنسان الفكر، بحجة أنه يريد أن يعرف ماذا تكون نهايته، وإلي أي طريق يتجه، بنوع من حب الاستطلاع!! كثير من الأفكار أنت تعرف جيداً نهايتها، وإن لم تعرف، فعلي الأقل تستطيع أن تستنج من طريقة ابتدائها. ثم ما منفعة حب الاستطلاع إن أدي إلي ضياعك! هناك طريقة أخرى، وهي الرد على الفكر. والقديس مار أوغريس وضع طريقة للرد على الفكر بآيات الكتاب. فكل خطية تحارب الإنسان، يضع أمامه آية ترد عليها وتسكنها. وفي التجربة على الجبل رد الرب علي الشيطان بالآيات: ولكن هناك أفكار تحتاج إلي طرد سريع، وليس إلي مناقشة. إذ قد المناقشة مدعاة إلي تثبيت الفكر بالأكثر، وإطالة مدة إقامته، كما قد تتسبب في تشعب الفكر. إن جاءتك الأفكار، يجب أن تصدها بسرعة. لا تتراخ، ولا تتماهل، ولا تنتظر لتري إلي أين يصل بك الفكر، ولا تتفاوض مع الفكر، وتأخذ وتعطى معه. لأنك كلما تستبقي الفكر عندك، كلما يأخذ قوة ويكون له سلطان عليك. أما في بدء مجيئه، فيكون ضعيفاً يسهل عليك طرده. إن طرد الأفكار يحتاج إلي حكمة وإفراز، وإلي معونة. هناك أشخاص خبيرون بالفكر وطريقة مقاتلته، كما قال بولس الرسول "لأننا لا نجهل حيله". والذي ليست له خبرة، عليه أن يسأل مرشداً روحياً. وعلى العموم فإن المعونة الإلهية تأتى بالصلاة والتضرع، تساعد الإنسان علي التخلص من الأفكار. الرب قادر أن يطرد الشيطان وكل أفكاره الردية