بعد أن صدرت مراسيم إضطهاد دقلديانوس قام أريانوس والي أنصنا بجولة في الصعيد الأعلى ليشرف بنفسه على
تنفيذ الأوامر التى أصدرها لإضطهاد المسيحيين .
تردد على مدينة إسنا أكثر من مرةٍ ، وفي كل مرةٍ كان يخرج بعددٍ كبير ، تمثل في ثلاث حلقات :
الحلقة الأولى : إستشهدت الأم دولاجي وأولادها الأربعة .
الحلقة الثانية : إستشهد بعض أراخنة المدينة .
الحلقة الثالثة : إستشهد أهل المدينة والقديسة الرشيدة والثلاثة فلاحين.
نشأة القديسة :
نشأت القديسة العظيمة الأم دولاجي في مدينة إسنا التي كان بها كرسي الأسقفية في زمان الأنبا أمونيوس أسقف إسنا الشهيد .
وتُعتبر الأم دولاجي واحدةً من أشهر قديسات الصعيد الأعلى . إيمانها القوي والطريقة التي إستشهدت بها جعلتها شفيعة هذه المدينة بل شفيعة الصعيد .
وهي علي ما يبدو لنا أنها كانت أرملة ولها من الأولاد أربعة ، هم : سورس وهرمان وأبنوفا وشنطاس يعملون بالزراعة وكانت
هذه السيدة العظيمة تسلك حسب وصايا الإنجيل حافظة كلمة الله في قلبها مُحِبَة للجميع أمينة علي نفسها وعلى بيتها من أجل هذا
وقف أولادها أمام الوالي كالصخرة في قوة وحزم وإيمان جبار ويذكر التاريخ أنه كان لها غنى كثير وزعته على الفقراء والمساكين .
مقابلة الوالي لأبنائها الأربعة :
أرسل دقلديانوس الطاغية الوالي أريانوس والي أنصنا ( قرية الشيخ عبادة بجوار دير الأنبا يحنس القصير مركز ملوي حالياً )
ليبيد المسيحيين في كل الصعيد ويقضى على كهنتهم ورهبانهم أينما وُجدوا وكانت منطقة أسنا في الصعيد الأعلى لمصر غنية بمقدساتها
من الإكليروس والعلمانيين .
وعندما دخل المدينة المُحِبَة للمسيح إسنا تقابل مع أربعة صبيان يسوقون دابةً تحمل بطيخاً من الحقل فاستوقفهم وأراد أن يختبر
فيهم مدى تغلغل المسيحية في تلك البلاد فأمرهم أن يسجدوا للأوثان فرفض الفتيان بكل حزم وأبوا وأعلنوا مسيحيتهم .
حاول معهم بالإغراء فلم يفلح فأخذ يهددهم ويتوعدهم بأن يُلحق بهم التعذيب ثم الموت ورغم هذا رفضوا ذلك بكل إصرار
وأعلنوا إيمانهم بالمسيح وإنهم لا يعبدون إلا الإله الواحد الآب والإبن والروح القدس ورفضوا السجود للأوثان وكان لسان حالهم "
إن عشنا فللرب نعيش وإن متنا فللرب نموت " .
الأم دولاجي أمام الوالي :
وما هي إلا لحظات حتى طار الخبر إلي أمهم الشجاعة دولاجي السيدة التقية الباسلة التي تُعَد مفخرةً من مفاخر الشهداء
فأسرعت من بيتها إلي الحقل حيث أولادها الأربعة يقفون في حضرة الوالي أريانوس .
وما أن وفقت أمام الوالي حتى إلتفتت إلي أولادها الأربعة وأخذت تثبتهم في الإيمان وأعلنت مسيحيتها وكانت تشجع أولادها
وتقويهم فامتلأ أريانوس غيظاً وأمر بإلقائهم في السجن .
السيدة العذراء تشجعهم في السجن :
وعندما أُلقيت الأم دولاجي مع أولادها في السجن حتى الصباح ظهرت لهم السيدة العذراء مريم وأخذت تشجعهم وتخبرها بأن
السيد المسيح قد أعد لهم جميعاً مكاناً أبدياً في ملكوت السموات .
محاولة الوالي مرةً ثانية :
في الصباح إستدعاهم الوالي وحاول معهم مرةً أخرى أن يبخروا للآلهةِ الوثنية فإذ بالأم دولاجي تصرخ معلنةً إيمانها
المسيحي هي وأولادها ، وكان أولادها أيضاً يهتفون نحن نرفض عبادة الآلهة الكاذبة ، نحن مسيحيون .
إستشهادهم:
فشل الوالي في كل محاولاته فامتلأ غضباً وأمر بقطع رؤوسهم ، وعندما صدر الأمر بالقتل بالسيف تقدمت دولاجي لتقدم
أولادها واحداً واحداً لُيقتلوا قبلها.
يذكر التاريخ أن الوالي أمر بذبحهم علي ركبتيها إمعاناً في القسوة عليهم وبعد الصبيان قطعت رأس الأم دولاجي وهي في
غمرة صلواتها وترتيلها للسيد المسيح .
وتُعيد الكنيسة لتذكار شهادتهم في اليوم السادس من شهر بشنس من كل عامٍ.
أجسادهم المقدسة :
لا تزال أجسادهم المقدسة الطاهرة محفوظة بالكنيسة التي تحمل إسمهم بمدينة إسنا حتى الآن بركتهم المقدسة
وشفاعتهم فلتكن معنا آمين .
كاتب سيرتها :
يذكر لنا التاريخ أن الأنبا يوأنس أسقف إسنا هو الذي كتب سيرة الشهيدة العظيمة الأم دولاجي .
مغادرة الوالي أريانوس إسنا :
بعد إستشهاد الأم دولاجي وأولادها إنحدر أريانوس إلي الوجه البحري مضطهداً المسيحيين وفاتحاً أبواب البرابي
وأمر بقفل أبواب الكنائس وأقام بالوجه البحري أياماً ثم رجع إلي الوجه القبلي وهو مهتم بما هو فيه من تكميل مراسيم الملوك الكفرة .